Archive for mai 2015

رعود الشمال..


.

و ما بين ابتسامة و اخرى..انسابت قطرات باردة على وجنتها الباهتة..

تأخر موسم المطر..و لم تعد ترتوي من وعود عام مضى..

رغم أنه كان قريبا جدا منها..و تبخرت معه أفكارها و صعدت ادراج السماء الا أنه لم

 يمطر بأرضها..

كانت هناك رعود تأتي من الشمال..

تثير هيجانه..

تفجر غيومه الآملة..

و يمطر..

يسقي ارضها الجرداء و كأن به أمل في أن تلك الارض ستزهر من جديد..في يوم من 

الأيام..و ستعيد له عبير الماضي

 و وروده..

و لكنها لن تعود..

فأرض الشمال استنزفت قواها..و استنجدت باخر..  

 و لكنها كانت تشتاق المطر شوق الفتاة..فتناديه..

و تنتظر..

لا تنتظر  كثيرا لأنه في كل مرة كان يلبي نداءها..

و يغيث عطشها..

أما تلك الفتاة.. فليس لها من مغيث  سوى دموعها..

كانت تطلبها كلما اصيبت بخيبة أمل

 جديدة..                     

 تلك الدموع لا تسقي جفاف اراضيها..

 و لكنها على الأقل..

كانت تنجح في جعل قلمها ينساب من من جديد..

                                                                                                                        **مريم

في حفل تأبين الفشل


.

و في حفل تأبين فشلها.. كانت المدعوة الوحيدة..اما القاعة فكانت ممتلئة اكثر من اي وقت مضى..احتلت حماقاتها الصفوف الاولى و اختفى وراءها خوفها 

الملازم من المجهول .

. عزف قلبها موسيقى الاستقبال على أوتاره القاسية..تتساءل كثيرا من أين أتت تلك 

القسوة..ألم تكن ارهف من أن تضيق بصدرها حد الاختناق؟ لكن الحقيقة 

فعلا لديها أوجه كثيرة..في الماضي لم تنتبه..و لكنها اليوم تدرك أن أشلاء المزهرية 

المحطمة تصبح أقسى و ألدع..أشلاء المزهرية وحدها قادرة على اراقة

 الدم حالما تضيق به أوردتنا.

تتقدم الفتاة خطوات نحو المنصة الشرفية..اليوم في الحقيقة يوم عظيم..لطالما أعدت من 
اجله خطاباتها الزئبقية و اشعارها الهستيرية.. 


و لكنها لم تعلم أن المسرحية الحقيقية لم يحن وقتها بعد..امعنت النظر في المقلعد

 المنتصبة أمامها..و للحظة خانتها عضلات وجنتها و ابتسمت ابتسامة عائد 

من الحرب ببقايا راية بيضاء رفعها اثر اعلانه الاستسلام في الحقيقة جمهور الخيبة 

أكبر بكثير مما كانت تعتقد..

تماطلت قدر المستطاع ..ثم فتحت خطابها ..أمعنت النظر بين الاسطر..أكان هناك أسطر أصلا؟ لم يكن.

العائد من الخيبة ينسى أنه بعثر اخر حروفه في طريق العودة عندما كان يحاول استحضار امجاده..أو ربما كان يعلم ان تلك الاحرف و ان عادت معه فانها لن

 تشفع له استسلامه للفشل..و ستفضح ضعفه بدل امداده بالقوة الكافية للمواجهة.

بدأ الخطاب.

 "في هذا اليوم الاستثنائي..أردت ان أعترف بفضل حماقاتي.لولاها لما عرفت للتأبين طريقا..و خوفي كان مزودي الأول بالطاقة الضرورية للخمول.

من كان يعتقد منكم أنه حفل تأبين..أرغب فقط باعلامه أن التأبين في مثل حالاتي بداية قبل أن يكون نهاية..

مع كل حفل تأبين أقطع وعدا جديدا بالعودة..بخيبة أخرى و اوراق فارغة و عقل 

مشتت.في حفل التأبين استنزف اخر طاقاتي..أملا مني في العودة 


للحركة..فأصحاب الخيبة لا يحتاجون للطاقة ,أصحاب الخيبة يأملون فقط في استرجاع 

كلماتهم الضائعة..أعيدوا لي فقط كلماتي..و سأعدكم بالعودة."


 .. لا تعلم ما حدث بعد ذلك..و أين ذهبت القاعة و أين اختفى الحضور. و لكنها عادت 
بدعوة للحفل القادم..و ترك لها حرية اختيار الموعد..موعد تأبين جديد
 مريم**                                                                                                                                                         .

حين تسقط النجوم..


.

الآن لم يعد من المهم ان تتحدث عن اي شيء ..فكل شيء قد قارب علي النهابة..وسحر الكلمات اضحى مجرد ذكرى عابرة..تبتسم لها ما ان تمر امامها..و لكن تلك البسمة لا تطول..الكلمات تختفي ما ان تهم الفتاة بقراءتها..تماما كالسراب..النهاية لا تعني دائما موجة من السعادة او الحزن..النهاية تكون احيانا نهاية شعور بأكمله و بداية حالة من..العدم..عندما تفقد النجمة بريقها تختار السقوط من السماء..علها تجد في الأرض

سلما جديدا يرفعها.. أثناء السقوط تحدث امور رهيبة.. ما بين الندم و الخوف من       

المجهول ينبعث شعور باللامبالاة.. يجعلها تتناسى ماضيها السعيد و مستقبلها            

الغامض..و لكن,,  أي ماض سعيد ذاك الذي ترغب بنسيانه؟في الحقيقة هي لم تشعر يوما                                                                                          
بالانتماء لذاك المكان..فهي التي كافحت حتى تشع للمرة الاولى..و طالما ان النور كان 

غريبا عن عالمها المظلم..اختارت لها مكانا في السماء..ظنت في البداية ان بريقها لا      
 يختلف عن بقية النجوم..و لكنها اخطأت التقدير..بقية النجوم خلقوا ليكونوا هناك..اما  
هي..فنورها سيخفت كل يوم أكثر من سابقه..أكان عليها أن تبقى داخل عالمها المظلم؟

 ذاك الا شيء الذي كانت تنتمي اليه لم يشعرها يوما بالسعادة..كانت تعتقد أن وجودها

 به حادث عرضي ..تماما كتلك المخلوقات الفضائية الوافدة الى الأرض في رحلة      

 قصيرة .. لذلك كان يفترض بها الذهاب الى السماء..أين يوجد أمثالها  ..أما الان..أثناء

 السقوط..تعترف ان السماء ايضا لم تكن عالمها المفقود...                                                     
مريم**                                                                                   
   

لن تعود الى الأرض..


.

يبدأ المشهد في محطة القطار..تقترب الفتاة نحو اول مقعد تجده و تضع حقائبها 

بجانبها..رغم انها كانت رحلة قصيرة الا ان قلبها مازال متعلقا بذاك المكان..فهي للمرة 

الاولى تذهب وحيدة في رحلة الى القمر..بعيدا عن صخب الارض و مشاكلها.كم كان 

الامر ليكون رائعا لو انها بقيت هناك لفترة اطول,فشتاء الارض كان قاسي البرودة و 

غيومه أبت أن تبارح قلب الفتاة..و لكن املها بربيع دافئ جعلها تأخذ التذكرة الملقاة على 

الرصيف..و تمسح عنها الغبارلتكتشف قيمة عجزت مخلوقات الارض السخيفة عن فك 

رموزها..و الاهم من ذلك انها كانت الوحيدة المغادرة في تلك الرحلة و هاهي الان 

تعود ايضا وحيدة..الحياة على سطح القمر ممتعة..جعلتها تنسى ضعفها و غربتها عن 

الواقع..و مخلوقاته كانت اجمل ما لاقت..هي لا تتحدث لغتها و تعجز عن فهم 

حركاتها..سحر غريب كان يخيم على المكان و جعلها تشعر بالانتماء ..قد يكون غريبا 

مقارنة بالارض و لكن قلبها استأنس لتلك الغرابة.الربيع هناك كان من نوع 

خاص..الرعد كان اشبه بسنفونيات خالدة..الامطار كانت تشعرها بالدفئ و انوار الظلمة 

دلتها على طريق السعادة.و لكن الاصوات المزعجة عادت الان معلنة عن اقتراب 

القطار..ألن تتوقف العقارب الان؟أكانت عديمة الحيلة لدرجة جعلت العقارب اللعينة 

تهزمها و تحرمها لذة البقاء؟ لم يعد بامكانها الان العودة بذاكرتها لذاك المكان 

الجميل..فهي الان تركب القطار و تأخذ مكانها في عالم الاحياء..بدأ النور ينبثق شيئا 

فشيئا و الحرارة تزداد داخلها بسرعة رهيبة..ألم تأتي للقمر باحثة عن دفئ الربيع؟ ما 

الذي جعلها تعشق البرد الاذع و الظلام الحالك؟ لقد كانت في الحقيقة تجهل وصف حالة 

الطقس..اما الان اليكم هذه النشرة المفصلة..تلك الفتاة تعشق مطر القمرو ظلمةالقمر..اما

الارض فالرؤية تنعدم بها في وضح النهارو ليلها مجموعة عواصف تقتلع قلبها ليعيبث  

مد البحر و جزره..و في نهاية المشهد يبقى الفتاة عالقة داخل القطار..ما بين الارض و 
 القمر
                                                                                              **مريم

رياح الوداع..نهاية أم بداية ؟..


.



سقطت اولى أوراق الخريف.. وكانت تلك شجرتها المفضلة ..لا تذكر كم مرة جلست تحتمي بظلها..من شمس حارقة او امطار غزيرة..كانت تعتقد أن لكل ورقة من اوراقها حكاية عاطفة و كرم كبير ..و ككل الأطفال السذج..لم تعلم أن السندريلا قد تترك الأمير بعد الزواج ..و أن السلحفاة التي هزمت الارنب قد تدعس تحت عجلات سيارة تشق ساحة السباق..لذلك ضلت تلاحق سرابا خادع..سراب اخبرها بأن كل الأوراق ستبقى..و ستحميها في الفصل الجديد..تماما كتلك النهايات الطفولية ..''السعيدة"  

اليوم عصفت رياح الوداع..و سقطت الورقة الأولى..راحت الفتاة تبكيها و خافت فراقها..بحثت لها عن مكان آمن..أي مكان سيكون أأمن لها من ظل شجرتها..قد تشعر الورقة المسكينة بالغربة ان تركت لعصف الرياح تذريها حيث تشاء.
حملت الفتاة الورقة بيدين مرتعشتين..بالأمس كانت الورقة خضراء نضرة..و اليوم كستها صفرة حزينة..

اليوم أصبحت مجرد ورقة تالفة تنتظر مكانا يأويها تحت التراب..حفرت الفتاة مكانا لها..و وعدتها بالوفاء..ستزورها كل يوم و سترفع التراب عنها حتى ترى الشمس و تتذوق أولى قطرات المطر..لن تتركها تجف في التربة حتى تتحلل و تضمحل.

عادت كل يوم..و عجبت لما رأت الورقة قد ملت التراب و ارتفعت فوق السطح من جديد..لونها لم يتغير ..و شكلها و رائحتها..تعجبت في نفسها و ظنت أن رائحة الوداع قد لازمت أنفها و ابت ان تبارحه..أو لعل رائحة النهاية دوما هكذا..لا تتغير.
و بعد تلك اللحظات من السكينة و الذهول..كانت تحمل الورقة و تعيدها مرة أخرى لمكانها ..تحت التراب. و هع نهاية الفصل تذكرت الفتاة الشجرة و بقية الأوراق..رفعت رأسها تبحث عنهم..و لم تجدهم..لم تجد سوى فروع خاوية..و جذع قاطعت عروقه باطن الأرض..و اختارت البروز استعدادا للاستسلام..
لم تعلم أنها كانت كل يوم خلال فصل كامل تقوم بدفن ورقة جديدة و لا تبكيها..ظنا منها بأنها الورقة الأولى..ما اعتقدت أنه النهاية كان مجرد بداية لنهايات أخرى..و نهاية ذاك 
الفصل العاصف كانت بداية فصل مزهر جديد
     **  مريم

عندما يعود الا منتظر..


.

ضربت الامواج بقوة حافة الصخرة قبل أن تطأها قدمه ..في ساحل خالي الا من اصوات نوارس ترقب فريسة تتلوى بين صفحات المياه ..عاد ذاك الامنتظر.. عاد كما 

يعود الناجي الوحيد من سفينة غرق كل ركابها..حاملا معه جسدا حارب الامواج لأيام 

..حتى

 ظن انها كانت تبعث فيه نبضا جديدا مع كل ضربةو كأنها تريده ان يستعطفها اكثر 
قبل 
اغاثته بموت رحيم..هو الى الآن يتساءل أكانت تلك الأمواج تساعده أم انها تآمرت مع 

الحياة و أعطتها فرصا أكثر لعقابه..
الصياح.. حاول جاهدا

ها قد عدت..ترى من عساه يسعد بعودته؟ و لكن حنجرته هي الثانية خذلته..تلك الحبلى

بكلمات همسها كل من اصدقائه قبل ان تبتلعه الامواج و أوصاه ابلاغها لحبيب أو ثكلى 

..ما عساه يقول ان كان كل ما عاد به بعد هذه الرحلة مجلد بلاغات وفاة و وصايا

 بائسة؟ٍ.. لا أحد في الشاطى ..لا احد ينتطر وصية منه فلم العودة ؟ أتراه فكر ألف مرة

في الهرب حيث لا يراه احد..قيكون مفقودا لديهم و يكون الحاضر الغائب لنفسه..هو لم 

يخشى الاخرين يوما بقدر خشيته لنفسه فحتى و ان هرب كل يوم سيلاحقه شبح ذاته 

الى 


ما لا نهاية..استنجد في الأول بليل يخفي عنه ذاك الشبح..و تذرع للغيوم علها تخفي

قمره..فلا يعكس صورته الموحشة على السطح..


أتراها تمطر الليلة؟كم كان بحاجة لقطرات تغسل ذنوبه..ذاك الماء الذي يقبع فيه 

استحال

مستنقعا لأفكاره..نادته اليابسة أخيرا ..لم يكن بمقدوره فعل شيء

 سوى الكتابة..تداخلت الحروف التي خطها بعد ان سقاها دموعا..هذا ما رغب الأول

 في قوله و تلك الورقة للثاني و أخرى لرابع و خامس..و هو؟ من سيرغب في الاحتفاظ

بأخر كلماته ؟ ألم يكن القدر يخفي عنه حبيبة سرية أو أما عادت تبحث عنه بعد اذ 

تركته وحيدا في عالم لا يقبل أمثاله؟ لم يعد بمقدوره الان سوى ااتمان زجاجات فارغة 

..علها تحمل يوما ما لم يستطع أن يواجه به الاخرين.. 

الآن ستعفو الأمواج عنه..و ستستقبله بين أحضانها حتى تحمله الى مثواه 

الأخير..عادت 

الزجاجات مع اخر الليل و اتخذت مكانا لها بين الرمال الى ان أتى أصحابها و قاموا بانتشالها..زجاجة وحيدة ظلت هناك..و لم يبحث أحد عنها..لا أحد

    مريم**                                                                                                                                                    

لا تنس..


.

و لعلني اكره ذكرك و لكنني لست متأكدة من عيشي في غيابك.. 
قد أقتل وقتي وأنا أنتظرك..
و قد تقتلني عندما تأتي بكلماتك..
و قد ادفن عند ذهابك في قبر أشواقي.. 
ستكون سبب فنائي.. 
وسأرغب في ذلك كل يوم اكثر من سابقه..
وعندما أفنى..
فقط ارم بجثماني داخل ذاكرتك..
واحمه قسوة الفراق 
..و ظلمة النسيان

**مريم