رياح الوداع..نهاية أم بداية ؟..


.



سقطت اولى أوراق الخريف.. وكانت تلك شجرتها المفضلة ..لا تذكر كم مرة جلست تحتمي بظلها..من شمس حارقة او امطار غزيرة..كانت تعتقد أن لكل ورقة من اوراقها حكاية عاطفة و كرم كبير ..و ككل الأطفال السذج..لم تعلم أن السندريلا قد تترك الأمير بعد الزواج ..و أن السلحفاة التي هزمت الارنب قد تدعس تحت عجلات سيارة تشق ساحة السباق..لذلك ضلت تلاحق سرابا خادع..سراب اخبرها بأن كل الأوراق ستبقى..و ستحميها في الفصل الجديد..تماما كتلك النهايات الطفولية ..''السعيدة"  

اليوم عصفت رياح الوداع..و سقطت الورقة الأولى..راحت الفتاة تبكيها و خافت فراقها..بحثت لها عن مكان آمن..أي مكان سيكون أأمن لها من ظل شجرتها..قد تشعر الورقة المسكينة بالغربة ان تركت لعصف الرياح تذريها حيث تشاء.
حملت الفتاة الورقة بيدين مرتعشتين..بالأمس كانت الورقة خضراء نضرة..و اليوم كستها صفرة حزينة..

اليوم أصبحت مجرد ورقة تالفة تنتظر مكانا يأويها تحت التراب..حفرت الفتاة مكانا لها..و وعدتها بالوفاء..ستزورها كل يوم و سترفع التراب عنها حتى ترى الشمس و تتذوق أولى قطرات المطر..لن تتركها تجف في التربة حتى تتحلل و تضمحل.

عادت كل يوم..و عجبت لما رأت الورقة قد ملت التراب و ارتفعت فوق السطح من جديد..لونها لم يتغير ..و شكلها و رائحتها..تعجبت في نفسها و ظنت أن رائحة الوداع قد لازمت أنفها و ابت ان تبارحه..أو لعل رائحة النهاية دوما هكذا..لا تتغير.
و بعد تلك اللحظات من السكينة و الذهول..كانت تحمل الورقة و تعيدها مرة أخرى لمكانها ..تحت التراب. و هع نهاية الفصل تذكرت الفتاة الشجرة و بقية الأوراق..رفعت رأسها تبحث عنهم..و لم تجدهم..لم تجد سوى فروع خاوية..و جذع قاطعت عروقه باطن الأرض..و اختارت البروز استعدادا للاستسلام..
لم تعلم أنها كانت كل يوم خلال فصل كامل تقوم بدفن ورقة جديدة و لا تبكيها..ظنا منها بأنها الورقة الأولى..ما اعتقدت أنه النهاية كان مجرد بداية لنهايات أخرى..و نهاية ذاك 
الفصل العاصف كانت بداية فصل مزهر جديد
     **  مريم

Your Reply